تفاهم جديد بين الأمن العام و”المحامين”.. والبحث عن الثغرات مستمر


2015-05-12    |   

تفاهم جديد بين الأمن العام و”المحامين”.. والبحث عن الثغرات مستمر

في أواخر شهر آذار الماضي، وقّع نقيب المحامين في بيروت جورج جريج و”المدير العام للأمن العام” اللواء عباس إبراهيم مذكرة تفاهم وتنسيق بين نقابة المحامين والأمن العام، حيث تركزت هذه المذكرة على تنظيم دخول المحامين إلى مبنى المديرية العامة للأمن العام وتسهيل مراجعاتهم بالإنابة عن موكليهم، والسماح بدخول الكتاب بالعدل إلى مراكز التوقيف لتنظيم الوكالات بين الموقوفين والمحامين. وقد اعتبرت نقابة المحامين، خلال الإعلان عن المذكرة في مؤتمر صحافي في مقر النقابة، أنها ضرورية لتسهيل عمل المحامين وضمان حقوق المواطنين والأجانب، في حين شددت مديرية الأمن العام على ضرورة أن يكون هناك نقطة تقاطع وتعاون بين المديرية والنقابة لـ”حفظ الأمن وضمان العدل”.

تعليقاً على هذه المذكرة، يقول عضو مجلس نقابة المحامين المحامي وجيه مسعد (الذي تولّى مهمة التفاوض مع الأمن العام)، في مقابلة مع “المفكرة القانونية”، إن “المواطن يجب أن يتفهّم عمل مديرية الأمن العام الحريصة على أمنه، لكن التشابك حصل بسبب طريقة تعامل الأمن العام مع معاملات المواطنين ومراجعاتهم، ونحن نريد الدفاع عن حقوق الناس”، مشدداً على ضرورة تحصين حقوق المواطنين وحق المحامي بالتوكيل أمام كافة الدوائر الرسمية. ويذكّر مسعد بأنه عندما كان اللواء وفيق جزيني مديراً عاماً للأمن العام، كان هناك آلية لتنظيم دخول المحامين إلى المديرية، إلا أنه عندما وُضعت موضع التنفيذ تبيّن أنها تحتوي على بعض الثغراتالتي يجب تذليلها. وعند الاستفسار عن قصده بشأن هذه الثغرات، يشدد مسعد على أنه لا يريد العودة إلى الوراء لأن هذه الثغرات تمت معالجتها في المذكرة الجديدة، قائلاً “لا يمكننا أن نتذكر تلك الثغرات القديمة الآن”. ويضيف أنه تم التوصل إلى هذا الاتفاق “نتيجة الثغرات في التعامل بين الأمن العام والمحامين، وعدم تسهيل عمل المحامي ومهماته”.

ويوضح مسعد أنه استناداً إلى مذكرة التفاهم، تمّ تخصيص مدخل خاص وغرفة للمحامينفي مديرية الأمن العام، تسهيلاً للمراجعات. ويُضيف أنه أُجيز للكاتب بالعدل الدخول إلى مراكز التوقيف لتنظيم وكالة للمحامي عن الموقوف، مؤكداً أن الوكالة أصبحت مقبولة عن جميع الموقوفين، وبمختلف جنسياتهم وأشخاصهم (الطبيعي أو المعنوي). ويشرح أن الوكالة تحلّ المحامي مكان الشخص الذي أوكله. ولذلك فإنه من الطبيعي أن يتابع المحامي ملفاته ومعاملاته في أي دائرة رسمية. وعند الاستفسار منه لجهة تجنّب الاتفاقية التطرق إلى ما يمنع المحامي من القيام به (زيارة موقوفين، مراجعة لدى دائرة التحقيق والإجراء وشعبة المعلومات والمدير العام)، يؤكد مسعد أنه “في حال تبيّن في المستقبل وجود أي ثغرات في المذكرة الجديدة، ستتم معالجتها بشكل مباشر مع الأمن العام لأننا على تواصل دائم”. وفي ما يخص تمثيل الموقوفين أمام الأمن العام العامل كضابطة عدلية، يقول مسعد إنه “لا يحق لنا كنقابة محامين أن نتدخّل في الإدارة الأمنية لمديرية الأمن العام، ولا علاقة لنا بها”، مشدداً على حرص النقابة على عدم التدخل في الشؤون الأمنية التي تخص مديرية الأمن العام دون غيرها. ويضيف أنه “على المحامين أن يتفهموا حرص نقابتهم على عدم التدخل في الشق الأمني الذي يعني الأمن العام دون غيره، لكن في الشق المدني حصل المحامي على كامل حقوقه”. وعند معاودة سؤاله عن إمكانية المحامي زيارة موكله الموقوف والمراجعة مباشرة في دائرة التحقيق والإجراء، عاد مسعد وشدد أن للمحامي كامل الحق في الدخول إلى دوائر الأمن العام، مشيراً إلى أن هذه القضية واضحة في المادة التي تسمح للكاتب بالعدل الدخول لتنظيم الوكالة. إلا أنه يوضح أنه بالنسبة إلى التحقيقات الأمنية الأولية، فإن القانون لا يسمح للمحامي حضور الاستجواب الأولي في كل دوائر الضابطة العدلية.

ورداً على سؤال عن المشاكل التي واجهها بعض المحامين مع الأمن العام، يرفض مسعد العودة إلى الوراء في هذا الموضوع، قائلاً “لا نريد العودة إلى الوراء… عفى الله عمّا مضى، خصوصاً أن العلاقة بين النقابة والأمن العام أصبحت الآن راقية وحضارية”. ويرى أن هذا الاتفاق “فتح مجالاً للتواصل مع باقي الإدارات الرسمية التي لم تُنفذ مذكرات حكومية بوجوب تسهيل عمل المحامين”. كما يؤكد أن “المحامي لا يريد امتيازاً لأنه يذهب إلى تلك الإدارات للقيام بعمل محدد لشخص معين فقط وليس من أجل أي منفعة شخصية، فهو ينفذ الخدمة العامّة للمواطنين والأجانب، ولذلك يجب تسهيل عمله”، معرباً عن أمله في أن تمتد هذه المذكرة إلى كافة الإدارات الرسمية، التي عندما تسهل عمل المحامي، لا تخدمه هو بل تخدم أصحاب الحقوق. ويشير إلى أن هناك إيجابيات كثيرة في هذه الوكالة، خصوصاً من خلال تمكين كاتب العدل من الدخول إلى مراكز الاحتجاز لممارسة بعمله.
عند سؤال المحامي أديب زخور عن رأيه بالتفاهم، في لقاء مع “المفكرة”، يبدأ بالتذكير بقضيته التي كسبها أمام “مجلس شورى الدولة”. وكانت مديرية الأمن العام قد أصدرت، منذ أكثر من سبع سنوات، مذكرة منع دخول بحقه، وذلك على خلفية ممارسة دفاعه عن بعض اللاجئين والعمال المهاجرين وعاملات المنازل الأجانب المحتجزات لديها. وقد انتهى “مجلس شورى الدولة”، في 01-04-2014، إلى القول إنه “ليس في القوانين والأنظمة المرعية الإجراء نصوص تمنح المدير العام للأمن العام أو أي مرجع أمني آخر صلاحية منع المحامين من حضور جلسات التحقيق التي تجري في المركز العائد لهذا المرجع”.

ويؤكد زخور أنه “ليس هناك أي منع قانوني يطال أي مواطن ويسلب حقه في الدخول إلى أي دائرة رسمية، مشدداً على أن المؤسسات والدوائر الرسمية “يجب أن تضمن حضور المحامي وتأديته لمهامه، فمن دونه لا يمكن أن يكون هناك دفاع حقيقيّ ومستقيم، وبغيابه يمكن أن تتأذى مصالحهم”.
وبشأن مذكرة التفاهم، يرى زخور أنه على الرغم من بعض ثغراتها، فإنها تُعتبر بادرة إيجابية لإعادة بناء علاقة جيدة مع الأمن العام تكريسا لحق الدفاع. ويلفت الانتباه إلى أنه “لربما ورد خطأ ما في المادة الخامسة منها”، والتي تنص على أنه “في حال ارتكب محامٍ مخالفة أثناء وجوده في دوائر المديرية، تُتخذ بحقه الإجراءات المنصوص عنها في القوانين المرعية الإجراء، لا سيما قانون تنظيم مهنة المحاماة، ويتم إبلاغ نقيب المحامين مباشرة بذلك”. ويوضح أن هذه المادة تخالف قرار مجلس شورى الدولة والمادة 74 وما يليها من قانون تنظيم مهنة المحاماة الذي يكرّس حصانة المحامي والأصول التي يجب إتباعها لمراجعة مجلس النقابة، والتي تشدد على وجوب عدم اتخاذ إجراءات بحق أي محامٍ قبل مراجعة مجلس النقابة. هنا، يرد مسعد مشدداً على أن “كل الإجراءات بقيت تحت سقف قانون تنظيم مهنة المحاماة، ولن يتم اتخاذ أي إجراء قبل إبلاغ نقيب المحامين”. كما يؤكد أنه “يتم الاتصال فوراً بالنقابة من قِبل الأمن العام في حال حصول مخالفة من قِبل أي محامٍ، ولا يبدأ الاستجواب قبل التواصل مع النقيب”، موضحاً في الوقت ذاته أنه “أمام الجُرم والجُنَح المشهودة لا يمكننا فعل أي شيء أمام إجراءات الأمن العام”. وبشأن مذكرات الإخضاعالتي عانى منها بعض المحامين في مديرية الأمن العام، يؤكد مسعد أنها أُلغيَت بحكم المذكرة الجديدة.

إن هذه المذكرة تفتح المجال أمام تساؤلات مستقبلية عدة، بشأن استقلالية المحامي وضرورة إجراء محاكمات عادلة وصون المساواة بين المتقاضين، أي المواطنين والفئات الأجنبية المهمّشة. وكان اللواء عباس إبراهيم صرّح، خلال كلمته في المؤتمر الصحافي الذي عُقد للإعلان عن التفاهم، إن “هذه المذكرة تؤكد أيضاًاحترام التدابير والإجراءات التي يقررها الأمن العام في مراكزه والتي لها طابع أو دافع أمني”.فماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن المادة الخامسة من هذه المذكرة تحفظ حق المديرية في اتخاذ التدابير والإجراءات التي تراها مناسبة كلما رأت حاجة أمنية الى ذلك؟
نشر هذا المقال في العدد | 28 | من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
انشر المقال

متوفر من خلال:

أجهزة أمنية ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني