شهدت الجلسة الثانية من محاكمة علي الزين، المتهم بقتل زوجته سارة الأمين، تطور جديد تمثل بطلب موكله تعيين طبيب نفسي لمعاينة وضعه. وتعتبر قضية مقتل سارة الأمين بعدما أطلق عليها زوجها الزين 17 رصاصة، من أبرز جرائم العنف الأسري الحاصلة خلال السنوات الماضية. ويتزامن طلب الدفاع مع قول الزين أنه لم يسمع صوت الرصاص “من فورة أعصابي”، مع أسئلة محاميه حول شعوره “بالندم والحزن” على مقتل زوجته، وعن الشخص الذي وصف له الدواء الذي يتناوله.

ويشير هذا التطور نحو محاولة المتهم وموكله التذرع بالوضع النفسي والعصبي لدى ارتكابه جريمته وهو ما شهدناه في قضايا أخرى أبرزها قضية منال عاصي التي ادعى زوجها-قاتلها محمد النحيلي فقدانه أعصابه في سورة غضب جامح لدى قتلها. ومن شأن طلب كهذا ان يطيل من أمد المحاكمة التي استغرقت ثلاث سنوات قبل عقد جلستها الأولى في محكمة الجنايات. ثلاث سنوات لم يتم خلالها طلب تعيين طبيب نفسي، وفق ما أكد محامي عائلة الضحية أشرف الموسوي ل”المفكرة”.(المحرر)

إنعقدت بتاريخ 3 تموز 2018 في محكمة الجنايات برئاسة القاضي إيلي الحلو في بعبدا، ثاني جلسات محاكمة المدعى عليه علي الزين بجريمة قتل زوجته سارة الأمين. يواجه زين تهمة تفريغ 17 رصاصة من سلاح “كلاشنكوف” في جسد زوجته سارة، فجر 19 أيار 2015. خمس طلقات حطمت وجهها، واحدة استقرت في عنقها، أربع في صدرها، رصاصة في فخذها وست رصاصات في أطرافها العلوية. هذه المعلومات مستقاة  من مضمون قرار الهيئة الاتهامية الصادر بتاريخ 20 كانون الأول 2017. وكان ذوو سارة قد أدلوا أمام الإعلام بعد قتلها ، أنه سبق للراحلة أن لجأت وأولادها إلى منزل أهلها تاركة منزل زوجها بسبب ما تتعرض له من تعنيف مستمر، لكنها قررت العودة بعدما وصلها خبر أنه نادم على أفعاله ويسعى إلى التغيُّر.

خصصت الجلسة الثانية أمس  للإستماع إلى أقوال الزين بحضور وكيليه المحاميان مسيح عقيقي وبطرس سكر من جهة، ووكيلي الجهة المدعية المحاميان أشرف الموسوي وقاسم الضيقة من جهة ثانية. وعلى خلاف الجلسة الأولى، لم يحضر من عائلة الضحية، إلا أحد أبنائها الذي بقي واقفاً عند باب المحكمة، يبدو حانقاً ممتلئاً بالغضب تجاه المدعى عليه (والده) وأحد وكيليه القانونيين. عند إنتهاء الجلسة سارع الضيقة إلى الإبن لاحتواء غضبه، حيث سُمع يقول له أن “هو يقوم بعمله (بالاشارة إلى وكيل الخصم)”. ثم رافق الوكيل الإبن إلى خارج قصر العدل، متأكداً من عدم حصول أي لقاء بينه وبين المتهم أو وكلائه.

ورد  الموسوي غضب الإبن، عند إستفسار المفكرة، إلى كونه “شعور طبيعي لشخص يسمع والده المتهم بقتل أمه يقول أنه لم يعلم أن الرصاص خرج من سلاحه، ففي الأمر إستفزاز”. كما يظهر أن الإبن “تستفزه أسئلة وكيل الوالد لموكله”.

والحال أن الزين قد أعرب اليوم عن صدمته بكونه مطلق الرصاص على زوجته. ييسأله القاضي:

 “هل قتلت زوجتك عمداً، هل أطلقت النار عليها بالرشاس؟”، فيجيب: أطلقت النار على زوجتي من رشاش “كلشنكوف”، ولكن من فورة أعصابي لم أسمع أن الرصاص خرج منه، ولم أتعمد قتلها”

من جهتها توجهت جهة الإدعاء بسؤال منقول من والدة الأمين إلى الزين، عن سبب قتله لإبنتها سارة. يجيب الزين “أنا لم أقتلها، هي أحضرت الرشاش الحربي، فأخذته منها ولم أكن أعرف ماذا حصل، أنا أحبها”.

وفيما إكتفت الجهة المدعية بهذا السؤال، طرحت الجهة المدعى عليها أسئلة عدّة ، تتعلق بما إذا كان الزين يشعر بالندم والحزن على مقتل زوجته، وحول الشخص الذي وصف له حبوب الدواء التي يتناولها، وأخيراً عن ماهية المفاجأة التي كان قد أدلى أمام أولاده أنه يحضرها لهم، ليلة وقوع الجريمة.

ورداً على الأسئلة،  اعتبّر الزين أن “عبارة ندم تبقى كلمة صغيرة، أنا حلّت بي كارثة”. كما أكد أنه لا يتذكر أنه قال للأولاد شيئاً عن مفاجأة”لكنني كنت بصدد شراء سيارتتين جديدتين لإبنتي إسوة بأخويهما الشبان”.

وبالنسبةلإفادته الأولية قال الزين أنه “حتى الآن أنا مصدوم، لا أعرف ما الذي كتبوه”. الأمر الذي دوّنه القاضي في محضر الجلسة على أنه تكرار لـ افادة الزين السابقة حصراً لناحية ما يتوافق مع ما أدلى به خلال الجلسة. بهذا المعنى يعد الزين متراجعاً عن كل ما أدلى به في التحقيقات الأولية والإبتدائية، إلا لناحية ما يتطابق مع ما أدلى به أمام القاضي الحلو خلال الجلسة.

بالنتيجة طلب وكيل زين عرض المتهم على طبيب نفسي، فيما إعترض الضيقة على هذا الطلب، وتركت النيابة العامة الأمر لتقدير المحكمة. الأخيرة أحالت الطلب إلى غرفة المذاكرة للبت فيه.

يستغرب الموسوي، في حديث مع المفكرة، توقيت طلب تعيين طبيب نفسي، لا سيما أن الدعوى موجودة أمام القضاء منذ 3 سنوات. والحال أن هذه الطلبات “عادةً ما تسجل خلال مراحل سابقة”. والموسوي يشير بهذا المعنى إلى إعتماد الجهة المدعى عليها أساليب “المماطلة” في القضية. وهو ما سبق أن أشار إليه الموسوي في حديث سابق مع المفكرة حيث أشار إلى أن “الملف تأخر في الهيئة الاتهامية بسبب المماطلة المقصودة من قبل الزوج، الذي تعمد تغيير موكليه مرتين بهدف تأخير صدور القرار(…) بالإضافة إلى  أن المدعى عليه كان كل مرة يتذرع بحجة مختلفة من أجل إرجاء التحقيق معه، تارة على خلفية تأخره بتوكيل محام وطوراً على خلفية أن المحامي يريد الاطلاع على الملف. وهكذا دواليك، تكررت الذرائع فراوح الملف مكانه في الهيئة الاتهامية لأكثر من سنتين”.

ويؤكد الموسوي أن “جريمة سارة الأمين من أشنع جرائم العنف الأسري، وعلى القضاء أن يبت فيها بعد كل المماطلة التي اعتمدتها   جهة الأدعاء”، وفق ما يقول محامي عائلة الأمين أشرف الموسوي للمفكرة. يضيف “هناك عائلة دُمرت، أهل سارةوأولادها في حالة سيئة ووالدها مريض، كلهم بانتظار حكم ينصفهم”. الموسوي ممثلاً طلب العائلة، يرى أن “التعويض الوحيد هو إنزال عقوبة الإعدام بالزين”[1].

إلى ذلك طلب الدفاع مهلة لتسمية عدد من الشهود وتحديد عناوينهم. وهو ما استجاب له  القاضي، مرجئاً الجلسة إلى 15 تشرين الثاني 2018، حيث يفترض أن تخصص الجلسة االثالثة للشهود وعرض عدد من الأدلة، أبرزها السلاح الذي استخدم في الجريمة، وشريط فيديو يوثق ما حدث.


[1] – لا تتبنى المفكرة القانونية أي دعوة لإنزال عقوبة الإعدام بأي إنسان،  ويبقى ذكر مطلب الأهل من باب توثيق أقوال الطرفين كما وردت على لسانهم.