إقرار الوساطة القضائية في لبنان سعياً وراء الإستثمارات الخارجية


2018-10-14    |   

إقرار الوساطة القضائية في لبنان سعياً وراء الإستثمارات الخارجية

بتاريخ 24/9/2018 أقرّ مجلس النواب اللبناني مشروع قانون الوساطة القضائية في لبنان، وقد تم ذلك في الجلسة المسائية من الجلسات التي امتدت على مدى يومي 24/25 أيلول 2018 فيما عرف بجلسات “تشريع الضرورة” أو الأصح “تشريع cedre“. وكان مشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 3201، عن الوساطة القضائية في لبنان كما عدلته اللجان المشتركة، واردا على البند رقم 3 من جدول الأعمال، وهناك شبه إجماع على أهمية إقراره وذلك لعدة أسباب تحدثوا عنها، أبرزها “تسريع إجراءات المحاكمة، تسهيل عمل القضاة وإضافة الاختصاص على عمل القضاء” الأمر الذي يسهم بـ”تسهيل العقود الدولية”، سيما بعد أن قام لبنان “بالتوقيع على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.

لم يأخذ النقاش في هذا القانون الكثير من الوقت وقد اقتصرت المداخلات على ثلاثة عشرة نائباً (من بينهم وزير المال علي حسن خليل) بالإضافة إلى وزير العدل سليم جريصاتي.

مداخلات عامة حول القانون وأسبابه الموجبة:

في هذا الإطار، تحدث نائب كتلة القوات اللبنانية جورج عقيص بالنظام فقال: “المشروع يخالف الاتجاهات العالمية السائدة، لأن هناك نظاما متكاملا للأنظمة البديلة لفض النزاعات، التي تبدأ بالتحكيم والمصالحة والوساطة. هذا المشروع إلى جانب أنه يحوي بعض الغموض في العديد من جوانبه، لاسيما لجهة تحديد مراكز الوساطة، وكيفية إعداد لوائح الوسطاء وكيفية تدريبهم. نحن نقول أنه يجب ومن الأفضل لنا كدولة أن نستفيد من منظومة متكاملة، وضمن تشريع الضرورة بإمكاننا أن نقوم بتعديل بعض الأحكام الموجودة في قانون أصول المحاكمات المدنية. وأنا أرى أنه يجب أن تكون أحكام الوساطة القضائية جزءا من قانون أشمل وأكمل هو قانون خاص بالأنظمة البديلة لفض النزاعات”.

فسأله رئيس مجلس النواب نبيه بري: ما رأيك بالقانون نفسه؟ فأجاب: يحوي العديد من الثغرات.

وتحدثت النائبة في كتلة المستقبل رلى طبش قائلةً: نحن في الأصل لدينا في لبنان نظام التحكيم والنزاعات غير القضائية، ونظام الوساطة معتمد دولياً. نحن اليوم وقعنا على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومقبلون على مشاريع كبيرة دولية وبالتالي نحن بحاجة في القضايا التي تخضع للتحكيم أن يكون لدينا في إجراءاتنا القضائية لدى المحاكم، تسريعا وتسهيلا للعملية. وأحد الأهداف الأساسية لقانون الوساطة القضائية اليوم، هو تسريع إجراءات المحاكمة، تسهيل عمل القضاة وإضافة الاختصاص على عمل القضاء. لأن هناك العديد من القضايا التي ستأتي في المشاريع وتتعلق بأمور هندسية، أو مقاولات أو صحية. وبالتالي نحن نفتقد إلى الإختصاص عند الجسم القضائي. وهذا القانون يرعى الوساطة الدولية.

وأوضح وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي أن”القانون لا يعني قضاء رديفا. فالتحكيم هو القضاء الرديف. الوساطة هي قضاء مسرّع، لذلك لا يمكن أن نفرد لهذا القانون حيزاً في قانون أصول المحاكمات المدنية. هذا القانون متكامل ويسهل عمل القضاء ويحول دون الاختناق القضائي ويسهل عملية العقود الدولية ويعطي ثقة أكبر. لذلك فإن الوساطة القضائية  مطلوبة للإصلاحات في لبنان، والتي لا نملكها بعد وهذا القانون متكامل وأتمنى على السادة النواب إقراره”.

وطلب النائب إيهاب حمادة في مداخلته، الأخذ بالملاحظات التي وردت في تقارير اللجان. كما تحدث عن مجموعة من الملاحظات قائلاً:”إن بعض النقاط التي أثيرت نعتقد أنه كان من الممكن أن ترتفع من خلال الأسباب الموجبة. لذلك كما نعلم وتعلمون، أن الأسباب الموجبة تشتمل على المبادئ والركائز والمباني التي تؤمن تبريرات المشروع. وقد أبدينا ضمن الملاحظات أن الاسباب الموجبة غير وافية، وهي عبارة عن تعريف وحسب للوساطة القضائية ولم تؤشّر إلى المباني التي يفترض أن تشتمل عليها. لذلك كانت هناك ملاحظة رئيسة تقدمنا بها بغية تعديل الأسباب الموجبة، والآن دولة الرئيس الفرزلي زودنا بالصياغة الجديدة والتي هي أفضل من الصياغة السابقة ولكن أيضاً لم تلامس الحدود، التي من خلالها ترتفع الإشكالات في حاجتنا إلى هذا القانون الذي يمثل تسريعاً ولكن تحت غطاء القضاء. إذا الملاحظة الأولى ترتفع، ولكن نريد أن تكون ضمن مشروع القانون الأسباب الموجبة الجديدة”.

“الملاحظة الثانية، بنيوية إذا لم نستدركها فإننا سنقع في إضطراب في هذا القانون، وهي أيضاً في التعريفات في المادة الأولى والتعريفات تشكل أيضاً جزءاً رئيساً لا يتجزأ من القانون. فتعريف الوساطة، ثم تعريف الوساطة القضائية أحدث اضطراباً بنيوياً في فهم بعض المواد، حيث أن الوساطة المطبقة لا تحتاج إلى القضاء، أي أن يلجأ طرفان إلى تدخل طرف ثالث بينهما دون القضاء. أما الوساطة القضائية فتعني أن تحال القضية المتنازع عليها، وأن يحال النزاع بقرار من المحكمة إلى طرف ثالث، وهذا يعني أنها تحت إشراف القضاء وبالتالي هي عملية مكملة ومساعدة ومسرعة للقضاء. وجود تعريف الوساطة دون أن يكون هناك قضاء في إحالة النزاع إلى الوسيط ثم إيراد تعريف الوساطة القضائية يحدث هذا الاضطراب. علينا إما حذف تعريف الوساطة، لأننا نتحدث عن الوساطة القضائية، أو علينا أن نشير، إلى الطريقة القضائية للوساطة، في متن المواد حيث أننا نقصد الوساطة القضائية،  لكي نميزها عن الوساطة”.

وانتقد نائب الرئيس ايلي الفرزلي كلام حمادة معتبراً أنه كان عليه أن يبدي تأييده للقانون أولاً ثم يقدم ملاحظاته وقال: “كان بودي لو أن السيد الزميل الذي ساهم مساهمة فعالة وكبيرة في اللجان المشتركة لإقرار هذا القانون وهو محق، وقد أُقر هذا القانون في اللجان، أن يبدأ كلمته بالقول أنه يؤيد هذا القانون ولكن هناك ملاحظات. أود أن ألف النظر إلى أن هناك قرارا اتخذ برئاسة اللجان المشتركة وقال بالفم الملآن يسجل في المحضر أنه عندما ترد كلمة وساطة دون أن ترد إلى جانبها “قضائية” يقصد بها الوساطة بين الطرفين دون قضاء، أما الوساطة القضائية فهي التي يقصدها القانون”.

وأوضح النائب في كتلة لبنان القوي إبراهيم كنعان أن وجود ملاحظات على القانون لا تعني أنه يؤخذ بالضرورة بها وقال: “أنا كنت باللجان المشتركة، هناك العديد من الملاحظات التي تحدث عنها الزملاء، لكن الملاحظات لا تعني الإقرار ، فإذا عدنا إلى المحاضر نجد أن هناك العديد من الآراء التي أعطيت. الموجود في هذا النص هو ما تم اقراره لكن حتى لو ورد في التعريفات الوساطة والوساطة القضائية، إذا عرفنا الوساطة وميزنا بينها وبين الوساطة القضائية نكون في صدد خدمة من يطبق القوانين سواء أكان جهة قضائية أو جهة معنية فيه وهذا الأمر بالعكس يغني القانون. والمفروض وضع كل عبارات والكلمات الواردة في هذا القانون ونقوم بتفسيرها. نحن أمام قانون ندخل فيه مادة مادة لأنه يسهل على المستثمر ويسهل على المتقاضين. وأنا برأيي أن نقوم بتشريعه لأنه يسهل على المتقاضين ونحن بحاجة له في جسمنا القضائي”.

ورأى النائب في كتلة لبنان القوي نعمة أفرام “أن هذا القانون أساسي لتسهيل العمل في لبنان، وقيام الأعمال فيه فهو مؤشر عالمي على سهولة العمل”، وقال: “لبنان اليوم من آخر الدول. لذلك يؤثر على استقطاب رؤوس الأموال، وهذا القانون أساسي وبعدما يقر يجب أن يكون هناك إعلان يقول أن لبنان اليوم يسرّع كل المعاملات القضائية، لأنه معروف عنا اليوم أن أي مستثمر أجنبي إذا دخل إلى القضاء لا يخرج قبل خمس أو عشر سنوات”.

مداخلات حول مواد القانون

ورأى الرئيس بري أن يتم السير في القانون مادة مادة.

وبخصوص المادة الأولى، تحدث نائب كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي مستوضحاً: “فيما يتعلق بمركز الوساطة، بقي هذا الموضوع  غير واضح في اللجان المشتركة”.

وحاول جميل السيد التوضيح قائلاً: “مركز الوساطة هو مثل مكتب محاماة يسجل فيه وسطاء، وعندما يريد القاضي تحديد وسيط يتفقون على مركز وهو الذي يحدد الوسيط”.

ولفتت النائبة الطبش إلى أنه: لنجزم تعريف الوساطة، قلنا أن المادة الثانية من القانون تجزم أي لغط فهي تقول أن أحكام هذا القانون تخضع عملياً إلى الوساطة القضائية التامة.

فطلب الرئيس بري التصويت على المادة برفع الأيدي  وتم تصديقها. وعلق الموسوي قائلاً: “قائمة الوسطاء هي قائمة نظامها مركز الوساطة هذا التعريف (ط)

ثم تم التصويت على المواد 2-3-4-5 تلقائياً بعد قراءتها برفع الأيدي ودون نقاش.

وفي المادة السادسة، تحدّث النائب الموسوي مذكراً بالفقرة (ط) من المادة الأولى معتبراً أن مكانها في المادة السادسة وقال: “يعيّن مركز الوساطة باتفاق بين الأطراف من القائمة التي وضعتها وزارة العدل، بينما الفقرة (ط) ماذا تقول قائمة الوسطاء هي قائمة يضعها مركز الوساطة”.

وأوضح وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي المسألة قائلاً: “هناك شيء اسمه مركز الوساطة وهناك شيء آخر اسمه قائمة الوسطاء التي يضعها المركز لا يجب الخلط بينهما”.

ثم قرئت المواد 7-8-9-10-11-12-13-14-15-16-17-18-19 وتم تصديقها تلقائيا دون التأكد حتى من أن أحداً يرفع يده، فكان قارئ المجلس يقرأ المادة، فيما صوت الرئيس بري يعلو بكلمة صدّق.

وفي المادة عشرين،علّق وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل على هذه المادة قائلاً: “تم وضع في هذه المادة أنه يعفى كل من طلب الوساطة والقرار المتخذ بشأنه من الرسوم القضائية. وهذا الموضوع  لا مبرر له عل الإطلاق، نحن نريد أن نسهل عملية صدور الأحكام والتفاهم بين المتنازعين وندخل بالتحكيم والوساطة، ولكن أن نقوم بإعفائهم من الرسوم القضائية…”

فرد عليه الرئيس بري في نبرة بين الجد والمزاح: “عم يشجعو على المصالح …انتو بوزارة المالية بدكن تخربوا البلد لتعملوا قرشين”.

وأضاف علي حسن خليل: “هيدا الموضوع ما بيصير. وبتعجب قال: إذا عطفناه على المادة 21 أيضاً الإدارة الضريبية ملزمة أن تقوم بالتسوية؟ إذا كانت ملزمة فربما يكون هذا الأمر باب تهرب ضريبيا. نحن يجب أن نقول أنه تحتفظ الإدارة الضريبية بحقوق الخزينة وفقاً للأصول، فإذا لم نقل ذلك وشطبنا هذه الفقرة فربما يكون هذا باب جديّ للتهرب الضريبي”.

وأيّد النائب سليم سعادة كلام الوزير خليل

فرد عليه الرئيس برّي: “مين بيشهد للعروس؟ اختها وبنت إختها”.

كما أيّد النائب جهاد الصمد ما جاء على لسان الوزير خليل قائلاً: “بضم صوتي”.

وتحدث الوزير جريصاتي قائلاً: “طلب الوساطة والقرار لم نتحدث عن تنفيذ القرار والمعاملة. لقد فصلنا بين الوساطة وتنفيذ القرار القضائي. فردّ عليه الوزير خليل: ما بدنا ننام بين القبور ونشوف منامات وحشة.

وعلّق النائب  الموسوي على كلام الخليل قائلاً: “مش عم ردلك ياها، لكن يبدو اختلطت عليك الأمور. إذ يعفى كل من طلب الوساطة والقرار المتخذ بشأنه من الرسوم القضائية على طلب الوساطة القضائية وليس على الرسوم القضائية. وبإمكان وزير العدل أن يصحح لي إن كنت قد أخطأت”.

فعلّق خليل: شوف النص يا سيد…اختلط الامر عليك يا سيد.

وعلق النائب الصمد: 2-0 يا سيد، تأييداً للوزير خليل.

وطلب الرئيس بري شطب الصوت الأخير، أي صوت الصمد وطلب التصويت على المادة.

وعلى الرغم من التصويت على المادة، أصر خليل على أن يسجل جملة “هذا إتفاق تسوية لا يلغي حقوق الإدارة الضريبية على كلا الطرفين”.

وفي المادة 21 سأل النائب عقيص: “ما الحكمة من اعتبار القرار غير قابل للمراجعة؟ على الأقل، يجدر تطبيق الأحكام المعمول بها في مجال التحكيم”.

وعلّق نائب الرئيس إيلي الفرزلي قائلاُ: “هذا تأكيد المؤكد”.

وأوضح وزير العدل المسألة قائلاً: “التحكيم يجري خارج القضاء”.

وتحدثت النائبة الطبش قائلة: “الوساطة تتم من قبل الوسيط بإتفاق الطرفين بناء على طلبهما. يتم الطلب إلى القاضي أن يقوم بتصديق القرار. إن عدم الطعن هو بين الأطراف، وإذا كانت هناك مخالفة للإنتظام العام، فبإمكان الغير أن يبدي رأيه به. فنحن فتحنا الباب للغير بأن يتقدم بطعن وهو غير مفتوح للأطراف”.

وسأل الوزير الخليل بتعجب: “يتم حجب الطعن عن الأطراف ويسمح للغير!؟”

 فأجابت الطبش: لأنه ممكن أن يكون الاتفاق بين للطرفين مضرا بشخص آخر.

وتم الانتقال إلى المادة 22

فسأل نائب كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله: من يسدد النفقات؟ فأجاب الرئيس بري: الفريقان. فلفت فضل الله إلى أنه يجب أن يكون هذا الأمر واضحاً.

وسأل النائب أسامة سعد: من يحدد النفقات؟ فرد عليه النواب والرئيس بريّ: القاضي! فأجاب سعد:غير واضح ذلك

وطلب النائب فضل الله إضافة عبارة: يسدد الفريقان النفقات التي يحددها القاضي. فوافق الرئيس بري قائلاً: ضيفها.

ثم تم التصديق عليها، وعلى المادة 23 برفع الأيدي.

فيما  طالب النائب الموسوي”بـعرض المشروع على مدقق لغوي، لأنه من غير الجيد أن يصدر عن المجلس نص فيه أخطاء لغوية واضحة مثلاً يكون اسمه مدرجٌ وليس مدرجاً على سبيل المثال”. فأجابه الرئيس بري: “في مدقق ما تعتل همّ”.

وانتقل الرئيس إلى التصديق التلقائي على المادتين 24-25. ثم طلب التصديق على كامل اقتراح القانون بالمناداة على الأسماء التالية: محمد كبارة، رلى الطبش، بهية الحريري، زياد حواط، جورج عقيص، بيار بوعاصي، شوقي دكاش،عماد واكيم، جوزيف اسحق، جان طالوزيان، فادي سعد، طارق المرعبي، محمد سليمان، وليد البعريني، نزيه نجم، سامي فتفت، بكر الحجيري، عاصم عراجي، جميل السيد. وإذ صوت هؤلاء بالموافقة، تم إعلان إقرار القانون من دون مناداة سائر النواب.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني