الحبس لمغتصب زوجته في المغرب: سابقة قضائية ذو مفاعيل إقليمية


2019-01-19    |   

الحبس لمغتصب زوجته في المغرب: سابقة قضائية ذو مفاعيل إقليمية

في سابقة تعد الأولى من نوعها بالمغرب، أدانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئنافبطنجة (شمال المغرب)، زوجا بالحبس النافذ لمدة سنتين، بتهمة الاغتصاب الزوجي والتعنيف، كما قضت لفائدة الزوجة المشتكية بتعويض مدني حدد في 30 ألف درهم.

ظروف القضية والحكم

تعود فصول القضية -كما تداولتها وسائل إعلام وطنية ودولية– إلى شكاية تقدمت بها فتاة في مواجهة زوجها البالغ من العمر 25 سنة، أكدت فيها أن زوجها يرغمها على المعاشرة الزوجية دون رضاها، مشددة على الليلة التي افتض فيها بكارتها بالعنف، وأدلت بشهادة طبية تثبت إصابتها بتمزق على مستوى فرجها.

وطالب دفاعها بمعاقبة الزوج طبقا لفصول المتابعة، خصوصا الفصلين 400 و485 من القانون الجنائي، اللذين تصل عقوبتهما إلى خمس سنوات سجنا نافذا.

وعند الاستماع إلى الزوج أنكر المنسوب اليه، مؤكدا أنه تزوج من المشتكية مند سنة 2017، وظل يعاشرها بشكل سطحي وبمنزل أسرتها بناء على رغبتها، نافيا أن يكون قد اعتدى عليها جنسيا أو قد ألحق بها أي ضرر.

وقد قضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بطنجة بإدانة المتهم من أجل ما نسب إليه، بعدما اقتنعت بثبوت الفعل الإجرامي وخطورته والآثار النفسية التي لحقت بالضحية.

ترحيب بأول سابقة قضائية في تجريم الإغتصاب الزوجي

رحبت منظمات نسائية وهيئات حقوقية بالحكم القضائي الذي يشكل سابقة، خصوصا أن القانون الجنائي المغربي الحالي لا يجرم بنص خاص الاغتصاب الزوجي.

ووصفت مريم جمال الإدريسي، المحامية بهيئة الدار البيضاء سابقة طنجة بالحكم العادل، مؤكدة في تصريحها لعدد من وسائل الإعلام، أن “النص القانوني يجرم الاغتصاب بوصفه كل مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، ولم يستثن المتزوجين، إذ يكفي صفة رجل وصفة امرأة وشرط عدم الرضا”.

واعتبرت أن هذا الحكم كان مستوعبا لفلسفة القانون المتعلق بالعنف ضد المرأة، وأنه مطلب حقوقي لطالما تم انتظاره.

من جهتها أكدت الناشطة النسوية نجاة أخيش رئيسة مؤسسة “يطو” لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف، في تعليق لها على الحكم أنه “من الإيجابي أكثر أن يقول القضاء كلمته لفائدة النساء ضحايا الاغتصاب الزوجي، لأنه اغتصاب حقيقي أيضا، وليس لدى الزوج الحق أبدا في هتك جسد المرأة وفرض ممارسة جنسية عليها بدون رضاها، وكونه يمتلك عقد زواج، لا يعني أنه يمتلكها ويمتلك جسدا يفعل به ما يشاء”.

أما الناشطة الحقوقية سعيدة العلمي فقد تمنت في تصريح لوسائل الاعلام أن ” يشكل هذا الحكم غير المسبوق، أساسا يعتمد عليه لإصدار أحكام أخرى في هذا الشأن، ويفتح الباب أمام مشتكيات أخريات كن إلى وقت قريب يخترن الصمت، ولا يفضحن أزواجهن الذين يغتصبونهن بدعوى الخضوع للزوج”.

تخوف من مآل القضية في الاستئناف

عكس التفاؤل الذي عبرت عنه غالبية الأصوات الحقوقية، أكد مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أنه “يتعين التريث قليلا لأن الحكم ما زال ابتدائيا، ولدينا تجربة مريرة مع الاجتهادات القضائية في المراحل الابتدائية، والتي يتم إجهاضها بمحاكم الاستئناف، كما حدث مع حكم أصدرته المحكمة الابتدائية في طنجة بداية 2017، شكل سابقة حينما قضى بحق طفل مولود خارج إطار الزواج في الانتساب لأبيه البيولوجي، ليتم إبطاله في الاستئناف”.

ولفت الناشط الحقوقي الانتباه إلى إشكالية يعرفها العمل القضائي تتمثل في “تغليب المقاربة القانونية المجردة دون أدنى اعتبار للبعد الإنساني والاجتماعي”، وهو ما يؤدي في نظره إلى تعدد التأويلات والمخارج المناقضة لمثل هذا الحكم داخل المؤسسة القضائية”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني