سدّ بريصا المثقوب يعرّي سياسة السدود الفاشلة: هل ينقذ فشل بريصا مرج بسري؟ (تعليق على نتائج جلسة 24 أيلول التشريعية)

سدّ بريصا المثقوب يعرّي سياسة السدود الفاشلة: هل ينقذ فشل بريصا مرج بسري؟ (تعليق على نتائج جلسة 24 أيلول التشريعية)

عقد مجلس النوّاب جلسة تشريعية بتاريخ 24 أيلول 2019 وأدرج على جدول أعمالها 19 بندا، أضيف إليها مقترح قانون آخر متعلّق بنقل اعتمادات في وزارة الشؤون الإجتماعية من المؤسسة العامة للإسكان لصالح الجمعيات التي تُعنى بشوون ذوي الإحتياجات الخاصة من خارج جدول الأعمال.

وقد أسفرت الجلسة عن التصديق على أحد عشر قانوناً وسُحب اقتراحان من قبل مقدّميهما، وأرجىء اقتراح إلى جلسة أخرى. كما سقطت صفة العجلة عن ستة اقتراحات قوانين أبرزها تعليق قانون الإيجارات وتعديل المادة 80 من قانون موازنة 2019 لإلغاء حفظ حقوق الناجحين بالمباريات في التعيين في الفئتين الثالثة والرابعة، علما أن هؤلاء نفذوا وقفة احتجاجية في ساحة رياض الصلح.

قضية سد بريصا

من أبرز البنود التي شهدت نقاشات صاخبة، قضية طلب اعتمادات إضافية لإنجاز سد بريصا. ولا نبالغ إذا قلنا أن هذه النقاشات أفسحت المجال أمام ثلاث فضائح كبرى: الأولى، الفساد في إدارة الأشغال العامة حيث غالبا ما يؤدي تماهي ممثلي الدولة مع المتعهدين إلى مضاعفة كلفة المشاريع حيث تكاد كلفة مشروع سد بريصا تبلغ 3 مرات ونصف كلفته الأساسية. والثانية،الجهل وسوء التخطيط، حيث صرحت وزيرة الطاقة والمياه، تبريرا للاعتمادات الجديدة ولعجز السد عن تجميع المياه، أنه يصعب معرفة طبيعة التربة قبل تنفيذ أعمال السد. وبالطبع، هذا الاعتراف بعدم قدرة الإدارة التنبؤ بمدى نجاح السدّ في تحقيق أهدافه ينسحب على مجمل سياسة إنشاء سدود ويقوي مناوئيها وبخاصة في حال أدى إنشاؤها إلى تدمير مواقع ذات أهمية كبيرة لاعتبارات عدة كمرج بسري. ففي هذه الحالة، نكون بصدد تدمير الثروة والبيئة لتحقيق هدف احتمالي محض. أما الفضيحة الثالثة، فقد تمثلت في المواجهة حول الأولوية المعطاة لسد بريصا بالنسبة لمناطق أخرى واقعة فقي جبل لبنان، وهي مواجهة أخذت طابعا طائفيا سياسيا، يحتمل ان يشتد بقدر ما تشتد الأزمة وتقل الموارد الممكن التحاصص عليها. وقد تمثلت هذه الشكوى في غضب رئيس الوزراء احتجاجا على مداخلات نواب لبنان القوي.

وبالتفاصيل، وبعد نقاش مطوّل بين عدد من أعضاء المجلس (حسن فضل الله، جورج عدوان، سامي فتفت، سمير الجسر، بولا يعقوبيان، أسامة سعد، نعمة افرام، نزيه نجم، ابراهيم كنعان، محمّد الحجار، مروان حماده، وإيلي الفرزلي) ووزاء الطاقّة والمياه والدفاع والمال ورئيس الحكومة، صدّق النوّاب على البند السادس وهو منح قرض للبنان من الصندوق الكويتيّ للتنمية الاقتصادية العربية وذلك لتأهيل أرضيّة سدّ بريصا كون طبيعة الأرض الكلسية في منطقة السدّ لا تسمح بتجميع المياه. ويشار إلى أن كلفة المشروع الأساسية كانت مقدّرة ب 10 ملايين دولار، إلا أنّ تصليح قعر السدّ بسبب طبيعة الأرض كلّف عشرين مليون دولار إضافية، وهذا القرض الذي تقارب قيمته ثمانية ملايين دولار مخصّص للغرض نفسه. وهنا جاء اعتراض النائب حسن فضل الله (الذي اعتبره بمثابة إخبار) مطالبا وزارة العدل بتعيين لجنة تحقيق للكشف عن المسؤولين عن هدر المال العام والتأخر في إنجاز السدّ الذي كان المتوقّع الإنتهاء منه في العام 2003.

وقد برّرت وزيرة الطاقة ندى البستاني الحاجة لهذا القرض بصعوبة التحديد المسبق لطبيعة الأرض قبل البدء بأشغال السدّ. وهنا نتساءل حول صوابية تذرّع الوزيرة بذلك – وهي من ضمن فريق سياسي استلم وزارة الطاقة منذ أكثر من 10 سنوات واتبع استراتيجية تشييد السدود منذ استلامه إياها – في حين أن الطبيعية الجيولوجية الكارستية للأرض اللبنانية غير خفية على أحد، وهي صخور متفسّخة تشرب المياه وتجعل بناء السدود في لبنان خيار غير مجدٍ إذ تتسرّب المياه منها بشكل كبير. وذكرت الوزيرة بأنّ القرض المقدّم سوف يصرف على تأهيل أرض السدّ وعلى شبكة مياه الشرب في الضنيّة. أمّا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريريّ فأيّد مزاعم النائب حسن فضل الله في وجود أخطاء وطلب التحقيق فيها، ولكنّه أصرّ على أهميّة إنهاء المشروع. وهنا اعترض ابراهيم كنعان على الإزدواجية في اعتبار الحريري فتح الاعتماد موضوع النقاش سابقا (أي المتعلّق بالمشاريع المتعلّقة بجبل لبنان والمنفّذة من قبل مجلس الإنماء والإعمار) مكلفا للدولة، في حين أنّه أصرّ على تمويل مشروع سدّ الضنّية. وردّ الحريري أنّ الفوائد على هذا المشروع قليلة. فتابعت كتلة لبنان القوي ووزير الدفاع الياس بو صعب اعتراضهم على التناقض في موقف الحريري، ممّا دفعه للانسحاب من الجلسة، قبل أن يعود ويتابعها لاحقا. وعلا صوت النائب محمّد الحجّار مهاجما النائب ابراهيم كنعان، وجرى تلاسن حاد بين النائبين.

وأسفر تصويت النوّاب عن التصديق على المشروع، مع طلب الرئيس برّي من وزير العدل فتح تحقيق في الملف على أن يُنجز في مهلة شهر كحدّ أقصى، وإلّا سيشكّل المجلس النيابي لجنة تحقيق خاصّة.

نفق بيروت البقاع

أما الإقتراح المتعلّق بالإجازة إلى الحكومة بإنشاء نفق بين بيروت والبقاع على طريقة ال BOT، فقد أدى إلى نقاش مطوّل بين مؤيدين (عاصم عراجي، سليم عون، والوزير جمال الجرّاح) ومعارضين (هادي أبو الحسن، جميل السيّد، ياسين جابر، تمام سلام، سامي الجميل). واستنكر النوّاب المعترضون مبادرة مجلس النوّاب لاقتراح هذا القانون، معتبرين أنّ الحكومة هي الجهة المسؤولة عن المشاريع الإنمائيّة من جهة أولى، كما اعترضوا على عدم وجود مخطط ومعلومات تفصيلية عن المشروع. ومن جهة أخرى، استنكروا عدم تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ رقم 44 الذي أقرّ في العام 2017. غير أن الإقتراح صدّق بعد إضافة موجب على الحكومة تقديم مشروع متكامل عن خطة المشروع وتكاليفه وصولاً لشروط التلزيم وتسليمه للمجلس النيابي بمهلة سنة من صدور القانون. لكن لم يقدّم المجلس النيابي في الصيغة المصدّق عليها الإجابات الشافية عن الإشكاليات التي تشوبه والتي تحدّث عن بعضها النّواب أي مهلة الإجازة إلى الحكومة نظراً لمقتضيات المادة 89 من الدستور، كما وجوب إحترام مقتضيات القانون 44/2017، تحديداً لجهة ضرورة إخضاع المشاريع المشتركة لتقييم المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة وموافقته المسبقة (المادة 2)، وقيام الأخير بوضع دراسة تفصيلية للمشروع (مواد 4 و5).

وتبدو الإجازة للحكومة بإنشاء النفق على أن “يحدّد مجلس الوزراء بموجب مراسيم يتّخذها بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء تفاصيل العقود ودفاتر الشروط الخاصة وكافة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ هذا النفق” مقلقة: فلم الحاجة إلى هذه المراسيم في ظل الآلية المفصلة التي يرسيها القانون 44/2017. ولا يسعنا سوى التخوّف من أن يكون القانون هذا “تشريعاً بالمفرّق”، وإرساءً لآلية موازية للآليات القانونية التي ترعى العقود الإدارية وعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما في ذلك من تسهيل إيجاد مزراب إضافي للفساد وإضعاف من حظوظ الشفافية والرقابة والمساءلة.

من جهة ثانية، ثمة شبهات قوية حول عدم دستورية هذا القانون، حيث جاء التفويض المعطى للحكومة بمنح امتياز إنشاء النفق عاما ومطلقا من دون أي قيود ولا حتى وضع مدة زمنية وفق ما تفرضه المادة 89 من الدستور. للتذكير تنص هذه المادة على الآتي: “لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود”.

نقل اعتمادات الإسكان إلى جمعيات الإحسان

أما اقتراح القانون الذي تمّ التصديق عليه بعدما تم تهريبه من خارج جدول أعمال الجلسة، فقد قدّمه النائب ياسين جابر من خارج المهل، وهو متعلّق بنقل ما يقارب 30 إلى 35% من قيمة الاعتمادات المرصودة للمؤسسة العامة للإسكان في موازنة وزارة الشؤون الإجتماعية لصالح مؤسسات الرعاية (خصوصاً الجمعيات التي تُعنى بشوون ذوي الإحتياجات الخاصة بحسب النائب حسن فضل الله). وصدّق النواب على القانون، مع تسجيل اعتراض النائب حسن فضل الله منفردًا، إذ اعتبر أنه تمّ “وضع الفقراء بمواجة بعضهم البعض، والأخذ من جيوب البعض منهم لإعطاء بعضهم الآخر”. والخطير أن القانون أقرّ على الأرجح دون معرفة العديد من النوّاب بما كانوا يصوّتون عليه، وهو سيؤدي إلى زيادة الضغط على مؤسسة الإسكان في ظل أزمة سكنية قديمة-مستجدة (مع توقّف القروض السكنية ووضع قانون الإيجارات الجديد). فللتذكير، أدت سياسة المصرف المركزي المالية وإصداره التعميم 503/2018 الذي ضبط استخدام المصارف لإحتياطها الإلزامي لأسباب مرتبطة بسعر صرف الليرة إلى إيقاف القروض السكنية. وفي سياق محاولة امتصاص آثار البلبلة التي أحدثها صدّق قانون بإجماع سياسي يقضي بفتح اعتماد إضافي في موازنة 2018 قدره مئة مليار ليرة لبنانية في باب وزارة الشؤون الإجتماعية- المؤسسة العامة للإسكان، بهدف تمكينها من دعم فوائد القروض الممنوحة من قبلها. فنقل الإعتمادات من مؤسسة الإسكان إمعان من المجلس النيابي بالسياسة التدميرية للحق بالسكن، خصوصاً وأن المبالغ المرصودة أصلاً للمؤسسة وهي مئة مليار ليرة لا تغطي حاجات السوق المقدّرة ب3000 مليار ل.ل بحسب أرقام وزارة المالية. وقد برز آنذاك تخوفات من عدم ملاءمة هذا القانون في ظل الأزمة النقدية، حيث يعتقد أن أي تسهيل لقروض شراء الشقق سيؤدي إلى إضعاف الليرة اللبنانية.

واللافت أن النائب ياسين جابر، مقدّم إقتراح نقل الإعتمادات، دافع عنه معتبراً “أن آلاف الشقق فارغة والإجارات لا تشكل 2% من سعر الشقة”، في ما يفهم منه أنه دعوة لاستئجار الشقق عوض شرائها لتأمين الحق بالسكن. وفي هذا الموقف تغييب تام لتوجّه الدولة الأحادي منذ الستينيات وحتى اليوم نحو تشجيع تملّك الشقق، خصوصاً منذ ما بعد الحرب، خدمة لمصالح رأس المال، كما تجاهل تام لحقيقة سوق الإيجارات في ظل سياسة تحرير الإيجارات وانكفاء الدولة عن دورها الرقابي وغياب أي مؤشر لضبط بدلات الإيجار التي باتت تأكل نسبة كبيرة جدا من مداخيل الأسر.

الأخطر من ذلك، أن نقل الاعتماد يهدف إلى تمويل جمعيات الإحسان (التي هي في غالبها تخضع للمحاصصة السياسية والطائفية وتستند إلى معايير الإحسان) كبديل عن تمكين عدد من اللبنانيين من التمتع بحقوق مكتسبة، منها امكانية تملك شققهم.

الجامعة اللبنانية والموظفون العامون

أبرز البنود المقرّة يتعلّق بأحكام خاصّة بتصفية المعاش التقاعديّ لأفراد الهيئة التعليميّة في الجامعة اللبنانيّة الخاضعين لشرعة التقاعد، وبتصفية تعويض الصرف من الخدمة وتحديد الحدّ الأدنى لعدد سنوات الخدمة المنشئة للحق بأيّ منهما، والذي انتهى إلى الاستجابة لبعض مطالب الجامعة اللبنانية لجهة كيفية احتساب تعويضات التقاعد. واستهلّ وزير التربية أكرم شهيب النقاش مشيرا إلى أنّ الهدف من هذا القانون هو المساواة ليصبح الأستاذ الجامعي مثل موظّف الدولة، خصوصاً أن صفة الأستاذ تحتّم عليه الحصول على شهادة دكتوراه تتطلب سنوات عديدة من الدراسة ما بعد الإجازة الجامعية. واقترح النائب علي فيّاض تعديلين: أوّلهما تخفيض الحدّ الأدنى لعدد سنوات الخدمة الفعليّة للمستفيد من هذا القانون من 20 سنة إلى 15 سنة، وإلغاء المفعول الرجعي من المادّة الثالثة من المقترح. وصاغ النائب سمير الجسر تعديل المادّة الثالثة لتصبح: “يستفيد من أحكام هذا القانون ابتداءً من تطبيقه ودون مفعول رجعيّ أفراد الهيئة التعليميّة في الجامعة اللبنانيّة الذين انتهت خدماتهم بسبب بلوغهم السنّ القانونيّ والذي لم تكن خدمتهم في الملاك التعليميّ لهذه الجامعة وفي الملاكات الأخرى المضمومة إليها في حال وجودها قد بلغت أربعين سنة”. واعترض كلّ من النواب جورج عقيص، نديم الجميل، سامي الجميل، آلان عون، سيزار أبي خليل، وحكمت ديب مشيرين إلى أنّ المشروع قدّم في العام 2010، وقد طرأت منذ ذلك الحين العديد من التغييرات الإقتصادية والإجتماعيّة ممّا يدعو إلى دراسة إنعكاساته الماليّة على الدولة، وأنّ الحكومة قد شكّلت لجنة وزارية لدراسة إصلاحات النظام التقاعديّ. وقد دعا النوّاب إلى سحب القانون أو تأجيله إلى حين إنتهاء الحكومة من دراسة النظامن التقاعديّ.

ولكن رغم هذه الاعتراضات، صدّق القانون مع التعديلات المذكورة أعلاه.

رخص البناء في مراكز المحافظات

على صعيد آخر، جرى نقاش حول اقتراح القانون الرامي إلى إضافة زحلة إلى لائحة المدن الأساسيّة التي يتألّف عدد أعضاء مجلسها البلديّ من 24 عضوا بين النواب سليم عون وعاصم عراجي وأسامة سعد.  وأقرّ مجلس النواب المقترح بالصيغة التي كانت قد أقرّته اللجان المشتركة في 7/8/2019، في اتجاه صرف النظر عن زيادة عدد الأعضاء مقابل جعل بلديات المدن مقار المحافظات مكان إجراء المعاملات الفنية والهندسية الخاصة بالبلديات، عوضاً عن فروع التنظيم المدني في الأقضية، من دون أي تغيير في عدد أعضاء المجالس البلدية.

اتفاقيات دولية: مكافحة المنشطات في مجال الرياضة وبروتوكول حماية الآثار في النزاعات المسلحة

كما صدّق مجلس النوّاب على البنود 3 و4 و5 و7 و8 بدون نقاش، وهي كلّها متعلّقة بإبرام اتفاقيات دولية. يتعلّق أوّلها بمكافحة المنشطات في مجال الرياضة، وثانيها باتفاقيّة قرض بين الجمهورية اللبنانيّة والوكالة الفرنسيّة للتنمية لتمويل مشروع الصرف الصحّي في وادي قاديشا، والثالث باتفاقيّة قرض بين الجمهورية اللبنانيّة والصندوق العربي للإنماء الاقتصاديّ والاجتماعيّ للمساهمة في تمويل مشروع تطوير الطرق الرئيسيّة (الأوتستراد العربيّ الشماليّ، وطريق ذوق مصبح-جعيتا)، والرابع اتفاق التعاون التجاريّ بين لبنان والغابون) والأخير بروتوكول لحماية الممتلكات الثقافيّة في حالة النزاع المسلّح.

وصدّق البند المتعلّق بإضافة بعض الأحكام إلى القانون رقم 73/2009 المتعلّق بتحديد شروط إعطاء مديري المدارس الرسميّة تعويضا إداريا.

اقتراح تعليق العمل بقانون الإيجارات الجديدة

أبرز الإقتراحات التي أسقطت عنها صفة العجلة وأحيلت إلى اللجان من أجل المناقشة، إقتراح تعليق العمل بقانون الإيجارات رقم 2/2017، والعودة مؤقتا إلى قانون الإيجارات الإستثنائي رقم 160/92، وذلك لحين البت بكافة التعديلات المقترحة، رغم محاولات النائب الوليد سكريّة – وهو أحد مقدّمي الإقتراح – تبيان المخاطر الإجتماعية الداهمة المحدقة بالعديد من العائلات اللبنانية.

الاقتراحات المتصلة بتعيين الموظفين العامين

من جهة ثانية، أسقطت صفة العجلة عن إقتراح إلغاء حفظ حقوق الناجحين بالمباريات في التعيينات في الفئتين الثالثة والرابعة (إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 80). وكان النائب سيزار أبي خليل حاول استعادة أسباب إقتراح إلغاء هذه المادّة مشيرا إلى أنّها “تخلق مشكلة بالانتظام الوظيفي لتقدير التوقيع من الحكومة على مرسوم تعيين الناجحين أو عدمه”، كما أشار إلى انتهاء المهلة القانونيّة (السنتين) للتوقيع على مرسوم تعيين الناجحين في الدورة الأخيرة، في مجلس الوزراء. وكانت “المفكرة” قد استفاضت في شرح خلفيات هذا الإقتراح والإصرار على إلغاء حق الأفضلية لهؤلاء بسبب الإختلال الطائفي بين الناجحين، وعدم صوابيته الدستورية في ظل أولوية مصالح الدولة ووضوح المادة 95  من الدستور التي تفرض المناصفة ضمن موظفي الفئة الأولى حصراً. كما يلحظ أن عددا من الناجحين في المباريات (حوالي 150) اعتصموا في ساحة رياض الصلح احتجاجا على هذا الاقتراح. وطالب هؤلاء في تعيينهم في الوظائف المستحقة هاتفين “ما بدنا طائفية، مجلس خدمة مدنية” و”اقتراحك ما بيقطع” كما حملوا يافطات كـ”الوظيفة حق إلنا شئتم أم أبيتم”، و”تأكد أن كفاءتك وحدها توظفك دون منة أو شفاعة من أحد”، و”المحايد هو شخص لم ينصر الباطل لكن المؤكد أنه خذل الحق”. وانضم إلى الإعتصام النائب د. بلال عبد الله وحسن وهبي رئيس رابطة الموظفين الدولة لدعم قضية الناجحين.

كما سقطت كذلك صفة العجلة عن إقتراح قانون النائب جورج عدوان الرامي إلى  تحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامّة وفي المراكز العليا في المؤسسّات العامّة. وكان النائب عدوان قد شرح مضامين إقتراحه مذكراً أنه استنبط الاقتراح من آلية التعيين التي أقرت في مجلس الوزراء في العام 2010، والتي اقترحها وزير التنمية الإدارية آنذاك محمّد فنيش. بالنسبة لعدوان. واعتبر أن “هذا المشروع سيضع الشخص الملائم في المكان الملائم، بدل اعتماد المحاصصة المذهبيّة في الإدارة”. وأنهى مداخلته قائلا: “وجهة التصويت ستظهر من يدعو لاعتماد الكفاءة”. ولكن رغم هذه المداخلة، صوّت النواب على سقوط صفة العجلة عن القانون. واعتبرت من جهتها النائبة بولا يعقوبيان (رغم تصويتها لصالح اعتباره متمتّعاً بصفة العجلة) أنّ القانون المقترح غير دستوريّ لأنّه من صلاحية الحكومة، فوضّح الرئيس برّي أن للمجلس النيابي صلاحية واسعة في التشريع.

كذلك أسقطت صفة العجلة عن إقتراح القانون المتعلّق بالبناء المستدام (تعديل المادّة 67 من قانون الموازنة)، رغم محاولة النائب محمّد خواجه، أحد مقدّمي الاقتراح، شرح هدف المقترح وهي اعتماد صيغة لجنة الأشغال العامّة والنقل الأكثر تفصيلاً. وأحيل الإقتراح إلى اللجنة نفسها رغم إقرارها الصيغة المعتمدة في المقترح، مما يطرح السؤال حول جدوى هذه الإحالة.

وأسقطت أخيراً صفة العجلة عن اقتراح قانون خفض الضريبة المقطوعة على أصحاب المولّدات الكهربائيّة (تعديل المادّة 70 من قانون الموازنة)، وإقتراح القانون المتعلّق بالضمّ والفرز في منطقتي الهرمل ويونين في محافظة بعلبك-الهرمل.

سحب وإرجاء إقتراحات

تم سحب البند الأوّل من جدول الأعمال وهو يتمثل بمشروع القانون الرامي إلى فتح إعتماد إضافي في الموازنة العامة “لإستكمال تنفيذ بعض المشاريع”. وعمد رئيس الحكومة سعد الحريري إلى سحب هذا المشروع لأنّه يشكّل تكلفة إضافيّة، خاصّة وأنّ الحكومة في طور دراسة مشروع موازنة 2020.

واعترض النائب ابراهيم كنعان على سحب المشروع، ذاكرا أنّ هناك حاجة ملّحة لإكمال المشاريع السابقة نظرا لوجود بنود جزائيّة في عقود تلك المشاريع. واعتبر أنّ الحريري سحب المشروع لكون المشاريع المراد إكمالها هي في جبل لبنان. إلا أن الرئيس برّي أصرّ على صلاحيّة رئيس الحكومة بسحب مشروع القانون مؤكداً: “بالكتلة بدنا هيدا القانون، بس دستوريّا لازم نردّه”.

وعاد النقاش ليحتدم عند مناقشة مشروع سدّ الضنية، كما أسلفنا.

كما عمدت النائبة ديما جمالي إلى سحب إقتراحها المعجّل المكرّر الوارد على البند الرابع عشر من جدول الأعمال الرامي إلى إفادة “الأولاد الموصى عليهم” من تقديمات فرع المرض والأمومة (تعديل المادة 14 فقرة (د) من قانون الضمان الإجتماعي) لإجراء بعض التعديلات عليه.

وأرجئ طلب الموافقة على الانضمام إلى اتّفاق بين لبنان والأردن لإقامة خدمات جوّيّة بين إقليميهما، إذ اقترح وزير الماليّة علي حسن خليل تعديل الفقرة الثانيّة من المادّة السادسة في الاتفاقيّة، ليضاف عليها وجوب زيادة الضريبة على القيمة المضافة، ممّا استدعى إعادة المشروع إلى الحكومة وإرجاء مناقشته إلى جلسة أخرى.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، لبنان ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني